مصر وكنيسة مصر – 10 المواطنة والكنيسة

المواطنة ليست فكرة جديدة جاءت مع بزوغ فكرة الدولة الحديثة، فقد كانت الامبراطورية الرومانية التي أرادت أن توحِّد العالم المتدين الذي أُطلِقَ عليه اسم “المسكونة”، هي أول من أسَّس فكرة المواطنة؛ لأن المواطن Civil هو من يحيا داخل مدينة تتمع بالحقوق المدنية التي تعطي للمدينة mtramuros ثم صارت هذه الحقوق هي ذاتها التي تُعطى لكل مواطن في أية ولاية من ولايات الامبراطورية الرومانية.

وكان حق المواطنة يورِّثه من يملكه. وكان قوام هذا الحق عدة عناصر أساسية هي: الحرية – المحاكمة العادلة أمام قاضِ – الاستعانة بالشهود – حق الدفاع عن النفس – الولاء للإمبراطور – السلوك حسب القانون الروماني – المساواة التامة بين كل سكان المدن ما عدا العبيد. وكان الامبراطور كراكلا (212) هو أول من توسَّع في إعطاء حقوق المواطنة ومنح حق التصويت في مجالس المدن ius sutragil وحق رفع الدعوى أمام المحاكم. ثم جاءت مدونة جوستينان في القرن السادس الميلادي؛ لتؤكد كل ما حدده القانون الروماني القديم، لكن تحت باب Civis Romans أكدت مدونة جوستينان أن المواطنة منحة وليست حقاً.

المواطنة السماوية في رسائل القديس بولس:

المواطنة الرومانية وردت في سفر الأعمال (16: 37 – 38) واستخدمها القديس بولس ليمنع جلده بدون محاكمة (أع 22: 25 – 27)، بل دفع بأنه وُلِدَ وورث حق المواطنة (أع 22: 28)، وهو ما أعطى القديس بولس الحق في أن يقدم شكواه ويرفع دعواه لدى قيصر.

استخدم القديس بولس كلمة “مواطنة” لتعريف الوجود المسيحي في المجتمع الروماني نفسه، ولكنه أضاف في عبارة مشهورة في رسالته إلى كنيسة أفسس: “أنكم رفاق مواطنون مع القديسين وأهل بيت الله” (2: 19). وهنا لاحظ – عزيزي القارئ – ان كلمة “مواطنة” تُرجمت – في الترجمة البيروتية – إلى رعية / رعوية، وهي كلمة غامضة([1]).

أمَّا مواطنة السماء، فهي هبة الله في يسوع المسيح، وهو ما نراه جلياً في صلوات التسبحة السنوية:

“بقى إلهاً كما هو

وصار إنساناً كاملاً

لكي يحل زلة آدم

ويخلص مَن هلك

ويصيِّره مواطناً mpolit/c

في السموات

ويرده إلى رئاسته

كعظيم رحمته” (ثيئوطوكية الثلاثاء – 5)

ورغم سقوط النظام الروماني، إلاَّ أن فكرة المواطنة ظلت حيةً، ودخلت في أدبيات وقوانين الشعوب الأوروبية قبل وبعد الثورة الفرنسية، ولعبت دوراً كبيراً في تأكيد مبدأ المساواة في الحقوق، وهي أول دعامة للديموقراطية (حكم الشعب).

ويُلاحَظ أن المواطنة ليست معروفة في اليهودية ولا في الإسلام. أمَّا في المسيحية، فهي الانتماء الأبدي “لأهل الله” (أفسس 2: 19)، أو “لأهل بيت الله”، وهو شعب الله الذي يحمل الاسم الذي اختاره الرب يسوع المسيح نفسه، وهو “الكنيسة”. وقد فقدت الكلمة معناها؛ لأن كلمة “إكليسيَّا” من الفعل اليوناني “يدعو”، وهو لا يختلف عن دعوة واختيار الله للإنسانية كلها في يسوع المسيح قبل خلق العالم (أفسس 1: 3 – 4)، فالمختارين = القديسين = المؤمنين = شعب الله = المواطنين السماويين.

هذه المنحة أو العطية الإلهية لا يمكن لأي مخلوق أن يعبث بها أو ينكرها؛ لأنها دعوة من الله وليست من البشر، ولذلك السبب استقرت العبارة المشهورة أن من ينطق بحرمٍ باطلٍ يقع الحرم على رأسه.

العبث المعاصر:

عندما نقرأ في أدبيات جماعات التطرف أن مصر يجب أن تُفتح من جديد، وأن الجزية يجب أن تُفرض على النصارى، فهذا نوع من العبث السياسي ينكر حق المواطنة الذي رسخ في الوجدان والقانون المصري، ويدعو مسيحيي مصر إلى التمسك حتى النفس الأخير بالمنجزات الحضارية والإنسانية التي توصلت إليها البشرية في صراعها الطويل مع الأنظمة الفاشية التي عفى عليها الزمن، وتجاوزتها مواثيق حقوق الإنسان في العصر الحديث.

والدعوة إلى إعادة فتح مصر، تعني انتقال العداوة من الممارسة السياسية إلى ممارسة دينية تهدف إلى إقصاء الذين يختلفون في العقيدة وفي الانتماء إلى جماعة غير تلك التي تنادي بالإقصاء، وبالتالي ينهمر سيل “الحرمان والإقصاء” متوازياً مع سيل إنكار “المواطنة” ليؤكد أن المواطنة أضحت تخضع لتقدير زعماء سياسيين ارتدوا مسوح الدين للعبث بأحد مقومات الشخصية المصرية (راجع الأعمدة السبعة للشخصية المصرية للدكتور ميلاد حنا)، أو لرجال دين أضحوا يتعاطون السياسة من خلال منظار ديني يفرض عليهم تأثيم الآخر؛ لأن الصراع السياسي – بكل أسفٍ – سار في طريق الإقصاء، بل والإلغاء، إلغاء الأحزاب السياسية – تأميم الصحف – وضع رقابة على كل ما يُنشر، بل وحتى ما يقال في الاجتماعات الخاصة بواسطة أجهزة التنصت، أو وجود من يمثل القوى السياسية من أجل زعيم هذه القوة لا من أجل المصلحة الوطنية العليا.

رئيس كل المصريين:

سادت مصر قبل ثورة 25 يناير توصيفات سياسية واقتصادية أُضفيت على الفترة ما قبل ثورة يوليو 1952، وما بعدها، وقد توزعت هذه التوصيفات ما بين: الرجعية – الاشتراكية – الرأسمالية – النظام الملكي – النظام الجمهوري .. إلخ. وهكذا تم تقسيم حقبة ما قبل 25 يناير 2011 إلى قسمين: عهد الرجعية وعهد الثورة .. تزامن هذا مع إقصاء رموز الحياة السياسية مثل أقطاب حزب الوفد وغيرهم، بل وإقصاء بعض قيادات “الضباط الأحرار” ذاتهم، وأخيراً تجيء موجة تكفير المجتمع، وهي الثمرة السامة لما حدث في المعتقلات، والبذرة التي غرسها الجلادون .. وهكذا سمعنا عن الفلول – النظام السابق– الثأر للشهداء.

والتقسيم والإلغاء والمصادرة، خلقت شرخاً كبيراً في حياتنا الوطنية. وكان ولا يزال طريق إرساء الحقوق بواسطة القانون والمحاكم هو تراثنا الوطني الذي جسَّده الجهد الفقهي القانوني الذي احتواه التشريع المصري في مجمله منذ عصر السنهوري، وهو أعظم ما عرفه العالم العربي والإسلامي أيضاً في العصر الحديث في باب التشريع.

الرئيس القادم والبطريرك القادم

لذلك يجب أن يكون الرئيس القادم رئيساً لكل المصريين، يعبِّر عن ذلك الدستور الجديد الذي يجب أن يرى النور في القريب العاجل. الرئيس القادم لديه مرجعية القانون – مراقبة البرلمان – المحكمة الدستورية العليا، ثم رفض شعب مصر لكل ما يخرج على الشرعية الدستورية. تماماً مثل البابا الـ 118 الذي يجب أن يكون الأب الروحي لكل المصريين، ليس للكنيسة الأرثوذكسية فقط، بل لكل شعب مصر، من مسلمين ومسيحيين، لديه في ذلك أعظم مرجعية في تاريخ المسيحية، وهي شريعة المحبة كما صِيغت في: (1 كور 13: 1 – 8).

وإذا كانت موجة العداء المعاصرة في الحياة الكنسية قد سبقتها مطاردة نشطاء وقيادات حركة مدارس الأحد واستبعادهم وإقصائهم، باعتبارهم عملاء للغرب، فها هو التاريخ يعيد نفسه – وإعادة التاريخ دليل على عدم التقدم إلى الأمام بل التراجع والتقهقر إلى الخلف – حيث اتهم بعض المطارنة نشطاء التيار العلماني في الكنيسة بأنهم عملاء للغرب، بل وألصقت التهمة بكل من يكتب في موضوعات خاصة بالكتاب المقدس أو اللاهوت بأنه ينقل عن الغرب، فضلاً عن اتهامه بأنه عميل لإسرائيل، وهو اتهام غريب وعجيب!!!

جاءت انتخابات البابا 116 الأنبا كيرلس السادس بنهاية الصراع بين الجيل الجديد الذي قدَّم القمص مكاري السرياني – القمص متى المسكين – القمص أنطونيوس السرياني، وبين الجيل السابق على عصر مدارس الأحد، وحُسِم الصراع بعد انتقال الأنبا كيرلس السادس لمصلحة الأنبا شنودة الأسقف العام والأنبا صموئيل أسقف الخدمات .. ولكن الصراع عاد يبرز من جديد بدون المرجعية الأولى والأخيرة، وهي “المحبة”. وقد سبق رحيل الأنبا شنودة الثالث صراعات غير معلنة على الملأ إلاَّ من طرف واحد، وهو مجلة الكرازة، وشرائط الكاسيت. واحتدام الصراع الآن يجب ألاَّ يتحول إلى ذات الصراع الذي تشهده الساحة المصرية بين مرشحي الرئاسة المصرية في جولة الإعادة .. الهدف مختلف تماماً .. الأبوة الروحية في مقابل رأس السلطة التنفيذية، رئيس الجمهورية. كما أن آليات الصراع غير آليات الخدمة، وهي البذل والمحبة، حتى محبة الأعداء التي حرص قداس القديس كيرلس أن يضمنها أوشية السلامة: “الذين نعرفهم والذين لا نعرفهم، أعدائنا وأحبائنا اللهم ارحمهم”.

فهل يستطيع الذين تقدموا للترشح أن يتنازلوا لمن هو قادر على أن يكون خادماً للكل، أم أن هناك فزاعات نسمع عنها: ملفات خاصة – الانتقام من الرجل الحديدي الذي يخيف البعض بأن تحت يده ملفات تحوي شروراً وتجاوزات كنسية لبعض الأساقفة، فإن كان ذلك صحيحاً وصمت عنها، فيجب أن يحاكم علناً لأن الصمت هو مشاركة في الشر، فقد عرف الشر وسكت عليه.

وإذا كان الرئيس القادم لديه مؤسسات قادرة على حماية الحرية وإعطاء الحقوق على المستوى المدني في الدولة، فإن الوضع في الكنيسة على غير ذلك؛ وذلك لغياب مؤسسات كنسية مثل المحكمة، وليس المجلس الإكليريكي الذي لا قانون له، وهو بذلك يكون فاقداً للشرعية، كما أن غياب مدونة قانونية تعترف بها الكنيسة كمرجعية، جعل كل الصراعات تسير على نمط واحد، هو التقدير الشخصي.

وإذا كنا قد قرأنا عن المواطنة السماوية وعضوية جسد المسيح الكنيسة، وأنها فوق كل قدرة إنسانية يمكن أن تمسها، ولكنها تعرضت لانتهاكات خطيرة في الفترة الماضية. ففي أول زيارة لبابا الإسكندرية بعد انقطاع يعود إلى 451 م سأل البابا بولس السادس عن أسباب حرمان المتنيح الأنبا مينا، وهل حوكم، وما هي التهم التي أُسندت إليه؟ ولم يكن لدى الذين سمعوا السؤال – وأنا واحد منهم – رداً، بل غلب الخجل الكل. وقال البابا بولس السادس أنه لا يملك أن يمنع كاهناً من الخدمة بقرار شخصي، ولمَّا سئُل عن الأسقف لوفيفر، وكان يقود حركة انقسام في فرنسا، وشريكاً لليمين السياسي الفرنسي، قال إن الفاتيكان في حوار معه، وهذه مشكلة تحتاج إلى بعض الوقت، لكن لم يصدر قرار بحرمانه.

رأب الصدع:

يجب أن ينص الدستور الجديد على تجريم التمييز بين أبناء الوطن الواحد على أساس الدين، أو على أساس الانتماء السياسي لأي حزب يعترف به النظام السياسي المصري.

كما يجب إعادة هيكلة التعليم، وهو الثورة الحقيقية التي سبق أن قُدمت كمشروع للرئيس السادات، ولكنه ضاع في صراعات كامب ديفيد، والصراعات الداخلية، حيث يجب أن يعود التعليم إلى المهمة الأولى في حياة الإنسان هي:

– حرية التفكير لا ضرورة الإتباع.

– القدرة على التفكير لا الحفظ عن “ظهر قلب”؛ لأن الحفظ هو بمثابة “تحنيط للفكر” وتحويل العقل إلى مومياء أو آلة تسجيل.

“نتعلم لكي نفكر بحرية”، تلك العبارة التي سخر منها أحد قيادات مباحث أمن الدولة وهو يقرأ مذكرة قدمت للرئيس السادات بعنوان “مستقبل التعليم في مصر”. فهو لا يريد لأي انسان يفكر كما يريد، بل كما تريد وزارة الداخلية. وعندما يدخل التعليم رواق الأمن أو حتى رواق الدين – مهما كان هذا الدين – فإن قمع حرية التفكير هي الحفرة التي لا يمكن تفاديها في طريق الحياة؛ لأن الدين هو ارتباط العضوي بالمطلق، أمَّا التعليم فهو بحث دائب دائم عن الأفضل الآتي في المستقبل الذي لم تظهر بعد كل صفحاته …

رأب الصدع في الكنيسة

التعليم الأرثوذكسي له مرجعية معروفة وثابتة، وهي: الكتاب المقدس – الآباء – الليتورجيا.

لقد شهدنا إقصاء البعض بتهم عقائدية كاذبة .. صدرت عن تقدير شخصي وبلا مرجعية، بل أشاعها الذين يجهلون العقيدة الأرثوذكسية والكتاب المقدس … وأنا أخشى أن نستمر في ذات النهج، ولكن القضاء على هذا الخوف هو في المواجهة بمرجعية كنسية لمن يشاع عنه أنه هرطوقي.

إذا جاء البابا الـ 118 بذات أسلوب المحاكمات في الإعلام، وحشد الاتهامات وقتل حق الدفاع عن النفس، فإن التاريخ سوف يعيد نفسه، أي العودة أو التقدم للخلف …

إذا كان الشباب هو الشرارة التي أشعلت ثورة 25 يناير، فإن على شباب الكنيسة تأمين وجود المرجعية الكنسية بالرد الكنسي على أكاذيب عاشت معنا طوال أكثر من ربع قرن من الزمان، والنشر لا يحتاج إلى مال وفير لأن شبكة المعلومات صارت هي العدو الأول للقهر والظلم والمواجهة بالحق والمحبة معاً، بالشهادة من التاريخ الكنسي بمحاصرة المشاكل في مربع واحد هو مربع المحبة .. ربما هذا هو الجهد المطلوب قبل أي جهد آخر؛ لأن “الله محبة”. كما يجب أن تكون المحاكمات علنية وذلك يتفق مع ما هو سائد في القانون الكنسي مثل قوانين الرسل. أمّا أن يستمر ما هو متبع الآن، فإن ذلك يعني أن تصبح هذه المحاكمات مجرد وسيلة سياسية لحشد الأتباع، وهو أسلوب النظم الشمولية، والكنيسة ليست نظاماً شمولياً، بل هي جسد المسيح الواحد.

الحل بالتعليم هو أسلوب مؤسِّس الكنيسة، وهو حلٌ يبقى في القلب لأنه جزء لا يمكن فصله عن الحياة الأبدية. ولذلك يجب العودة إلى معاهد التعليم لزيارتها ورؤية ما حل بها وإقالتها من عثرتها: الكلية الإكليريكية وفروعها – معهد الدراسات القبطية – المعاهد المتخصصة. المدرس المؤهل الذي يقدم ما لديه من المرجعية الكنسية هو المطلوب، أما شطحات الفكر وخيالات العصر الوسيط وتأملات لا تخلو من التقوى، فهي لا تبني صرح الحياة؛ لأن الأرثوذكسية قائمة دائماً على تعدد الشرح لأقوال الله، وهو تعدد فيه اقتراب من الحقيقة لا لهدم الحقيقة. وتفاسير الآباء وعظاتهم هي الشاهد الأول والأخير على ما نقول، فقد وضع كل من آباء الكنيسة الكتب التي تفسر الكتاب المقدس حسب الاحتياج، وحسب ما يشغل الكنيسة من صراعات وأخطار وحسب كل أب في استيعاب سر المسيح.

لغة الحوار

عندما درست كتاب د. مصطفى حجازي: التخلف الاجتماعي، مدخل إلى سيكولوجية الإنسان المقهور – المركز الثقافي العربي – الطبعة التاسعة 2005، أحسست أنه يكتب عن نصف قرن من تاريخ الكنيسة القبطية. طبعاً تغيير بعض الأسماء ضروري، ولكن يظل الجوهر واحد.

كان الاتهام الموجه لي مكتوباً بخط البابا شنودة نفسه، هو أنني أشجع الطلبة على قراءة الأدب العلماني مثل قصص نجيب محفوظ، كان هذا الاتهام هو أعظم اتهام لأنني أردت أن يعرف مَن يدرس معي أن مصر ليست هي تلك التي يرى منها شريحة صغيرة في الحياة الكنسية.

الإنسان المقهور هو إنسانٌ عاجزٌ عن الحوار، وهو إلى حدٍ بعيد سبب استمرار قهره؛ لأنه مثل غيره يتستر على الجرائم التي تُرتكب في الخفاء، ويقبل الخضوع التام للسلطة التي تقهره.

والقهر أحادي الاتجاه، فهو يبث صوت الزعيم ولا يقدم مرجعية ولا يرضى بالبحث، وهو يخشى الحوار، ولذلك، التمسك بالحوار هو شرارة التغيير، أما تفتيت المعارضة فهو دأب سياسة القهر. ولا يجب أن ننسى أن اجتماع المعارضة ظهرت أول باكورة له في “صوت المعمدان” الذي صرخ في وجه السلطة: “لا يحل لك”.

الإنسان المقهور لا يعرف حقوقه الإلهية، أي تلك التي وُهِبَت له في يسوع المسيح، ولك أن تتأمل التقوى الشعبية التي تفسر تقبيل يد الأسقف أو الكاهن لأنه يحمل جسد المسيح، ولكن ماذا عن أن كل مؤمن هو نفسه عضو في جسد المسيح، وهو الذي يتناول جسد المسيح ليكون “واحداً مع المسيح”؟

لا بد وأن يستغرق رأب الصدع وقتاً، ولكن اختصار الوقت ممكن لو نشأ مجمع للعلمانيين غير المجلس الملي الذي هو عبارة عن مجلس أعيان منذ نشأته وبحكم هذه النشأة. مجمع للعلمانيين لا يسعي للاعتراف به بالمرة، يكون مجمع شهادة وصدق، يستند على الحق الإلهي المدون في الكتب المقدسة، وفي الممارسة الليتورجية التي تمنع القس والأسقف من الصلاة لو رفض شخصٌ واحد أن يعطيه الحل.

الطريقُ طويلٌ، ولكنه دائماً ما يبدأ بخطوة واحدة، ومن كان يصدق أن ينهار حكم 30 سنة في عدة أيام؟ لكن ذلك حدث، عندما وقف الشباب أولاً وبعد ذلك سار الشعب كله مسيرة بدأت بيوم 25 يناير.

نتمنى أن يجيء على الكنيسة يوم مثل ذلك اليوم. لا نقدم طلبات إحاطة، بل نقدم البديل ونرفض الاعتراف بما يصدر من قرارات غير منسجمة ولا متوافقة مع ما استقر في تراث كنيستنا.


([1]) راجع ترجمة الرهبنة اليسوعية التي نشرتها دار المشرق بلبنان، حيث تقول: “بل أنتم من أبناء وطن القديسين، ومن أهل بيت الله”.

التعليقات

5 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مواضيع ذات صلة