رد على تعليق الأخ العزيز إيهاب جورج

الأخ العزيز إيهاب جورج

في محبة الرب يسوع الأبدية، وهي المصير الذي سوف يجمع كل الأحباء، أكتب هذه الملاحظات:

أولاً: الإفرامية التي تشير إليها في تعليقك كُتِبَت لصديق يسكن في الجوار، ماتت زوجته وأولاده الثلاثة في حادث على الطريق السريع، وحسب الأطباء، فهو يعاني من آلام 7 كسور في يديه ورجليه وصدره. زاره القس المعمداني، وهو يعاني عذاب كسور جسده، ورحيل زوجته وأولاده، ليقول له إن هذا الذي يعانيه هو تأديب من الرب، ولا بُد أن هناك خطية لم تتب عنها.

ولا يختلف موقف هذا القس عن موقف القمص أنطونيوس ثابت عندما ذهب ليزور د. هاني مينا، وهو في غرفة الإنعاش لكي يقول له “أنت محروم”.

تجارة الإيمان والعقيدة لها الكثير من الضحايا.

ثانياً: أنا لم أكتب هذه الكلمات لتصبح ترنيمة. وكلمة إفرامية هي كلمة مستوحاة من أشعار مار إفرام السرياني، ومن المعروف أن ليس كل أشعاره ترتل في كنيسته السريانية؛ لذا ليس هناك نكوصٌ كما تقول. ولكن هل لفت نظرك هذه الكلمات:

يا يسوع

يا أصلي

ووجودي الأبدي

تلك كلمات لا تسمعها في تراتيل الكنائس الإنجيلية؛ لأن الكلام في هذه التراتيل موجه إلى شخص الرب البعيد والغريب الذي يجلس على عرش إلهي في السماء.

ما رأيك يا أخي في ترنيمة تقول:

أنا مصنوع من صخر يسوع        غير قابل للكسر

لقد اقشعر بدني يوم سمعتها؛ لأن الصخرة، رغم أنها تعبير استعاري عن الثبات، إلَّا أننا: أنا وأنت مصنوعان من “لحمه ومن عظامه” (أف 5: 30). هنا يحدث خللٌ في الوعي، عندما نترك الأصل، وهو هنا اللحم والدم: “فإذ قد تشارك الأولاد في اللحم والدم، اشترك هو كذلك فيهما لكي يبيد الموت” (عب 2: 14)، ونلتجيء إلى عنصر آخر هو الصخر. ولذلك، اللحم الجريح، والعظام المكسورة هي شركة في الجسد الذي يُكسر، والدم الذي يُهرق في تقدمة يسوع الدائمة قربان محبة.

لقد جلست مع هذا الأخ -الذي ماتت زوجته وأولاده الثلاثة- ساعات طوال أحاول أن أمسح أثر الكلام السخيف الذي قاله له القس المعمداني، فقد كان يحتاج إلى تعزية، لا إلى هذه الإدانة السمجة.

ثالثاً: لا أدري ماذا نعرف في الأدبيات العربية عن الاعتراف بالإيمان. ولكنه بادئ ذي بدء ليس مثل النطق بالشهادتين مثلاً عند المسلمين، ولكن وأنت تقرأ العهد الجديد بدقة تعرف أن الاعتراف بأن يسوع رب هو عمل الروح القدس فينا (1 كور 12: 3)، وهو ربٌّ لمجد الله الآب؛ لأن هذا يجعلنا بالاعتراف، معاينين وشركاء هذا المجد (فيلبي 2: 11، ويجب أن تُشرَح على أساس يو 17: 22). والاعتراف هو شركة وتسبيح بالشكر، وإن كنا نقلنا عن الغرب اسم “قانون الإيمان”، إلَّا أن الاسم القبطي القديم جداً هو “الأمانة”، والأمانة هي صلاة القداس من الصلح حتى التناول.

بالاعتراف بالإيمان نحن في أعماق الشركة في حياة الثالوث، فهل سمعت ترنيمة تعبِّر عن الاغتراب أكثر من ترنيمة يا سائح للقاء يسوع!! في حين أن بولس الرسول يقول: “المسيح فيكم رجاء المجد”؟

التقوى المزيَّفة يا صديقي هي اهتراء الوعي بالكلمات التي تجعل العواطف تنطلق في موجة عارمة تفقد فيها النفس الرؤيا الحقيقية لِمَا وُهِبَ لنا في المسيح يسوع، فلا سياحة حيث يكون الاتحاد.

كنت ضيفاً على كنيسة أرثوذكسية هنا في أمريكا، وأثناء التناول رتل الكورال مزمور 23 “الرب راعيَّ”، وانزعجت لأن المزمور يعبِّر عن روح العهد الأول، وهو لا يحتوي على قوة الاستعلان الإلهي في يو 10 عن الراعي الصالح الذي يبذل نفسه عن الخراف ويقاتل الذئب ويجود بحياته، فكان أن أعدت كتابة المزمور من خلال يو 10.

وكنت أيضاً ضيفاً على كنيسة يونانية أرثوذكسية، وأثناء التناول رتل الكورال مزمور 121 “رفعت عينيَّ إلى الجبال”، وطلبت من الأب الكاهن تغيير المزمور بما يناسب؛ لأن هذا المزمور هو مزمور حرب في العهد القديم ونشيد معركة. الوعي بالرب الذي يقدم ذاته لنا، وهو ليس بعيداً، نرتل له لأنه يسكب حياته فينا، لا لأنه يحفظنا (في الحرب).

أعتقد يا أخي العزيز أن رسالتي لم تصل بعد.

إن ما نراه في مصر، وفي أماكن كثيرة، هو اجتماعات بلا إفخارستيا. ومن يقول إن د. القس سامح موريس يقول إن الشركة هي في جسد المسيح الحقيقي ودمه الحقيقي، يذكر نصف الحقيقة؛ لأنه لم يصلني إلى الآن أن د. القس سامح قال ولو لمرةٍ واحدة إن الإفخارستيا هي ذبيحة. ويجب أن نكون على وعي -دون أن نسقط في مستنقع العصر الوسيط حتى لو قال: خذوا كلوا هذا هو جسدي. خذوا اشربوا هذا هو دمي الذي للعهد الجديد- يجب أن نكون على وعي بأنه هو من يذبح ذاته لكي يعبر إلينا وبنا من الموت إلى الحياة. فالذبح هو بذل، وهو دعوة لأن نكون نحن أيضاً ذبائح روحية (رو 12: 1).

ما يهمني هو غياب الوعي المسيحي بالحقائق الإلهية التي تحولت إلى “عموميات”. وعندما تسأل: “أم أنه يجب علينا في كل صلاة أن نعترف أو نقدم ما يشبه إقرار إيمان …”، أقول لك: من الذي حدد يا أخ إيهاب ما يجب وما لا يجب، وعلى أي أساس يتم الاختيار؟ هذا السؤال بالذات يجب أن ندرسه معاً في مقال خاص؛ لأنني يجب أن أترك للاخوة الذين لهم عيون النسور أن يشتركوا معنا في الحوار.

لا داع لطلب الغفران، فالموقع هو أساساً للحوار الإيجابي، ورسالتك نُشرت قبل الاتصال بي. نريد حوار محبة مسيحية حقيقية، لا حوار الاعلام الذي نزل إلى أدنى درجات الانحطاط من شتائم أو غيرها.

أخيراً: أقول لك إن هناك جزءاً من الإفرامية لم يُنشَر لأنه غير صالح للنشر في الوقت الحاضر، ولكل شيء تحت السموات زمان يرسل فيه الرب مسحة الحياة لنا جميعاً، مع محبتي الأبدية.

دكتور

جورج حبيب بباوي

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مواضيع ذات صلة