التسليم الكنسي – هدية لقراء وقارئات الموقع – 1

تقدُمة محبة:

تلزمُني محبتكم جميعاً أن أسلِّم لكم ما استلمته من شيوخ الكنيسة: القمص مينا المتوحيد. القمص ميخائيل إبراهيم. القمص متى المسكين. الراهب فليمون المقاري.

لا تسأل مَن قال هذا، أو أشار إلى ذلك. هذا لا يهُم بالمرة، ولكن إذا كان ما أذكره هو من واقع صلوات الكنيسة، ومتناغم مع العقيدة الأرثوذكسية، فلا تنزعج، بل إقرأ من أجل الإستنارة.

أولاً: رشم الصليب:

– نأخذ رشمَ الصليبِ على دفعات: عند قبولنا موعوظين. الرشم بزيت الموعوظين، وهو طلب الاستنارة. يدخل رشم الصليب بالرشم بزيت الموعوظين في خدمة المعمودية المقدسة: “زيت عظة في الكنيسة الواحدة المقدسة الجامعة الرسولية”.

وبعد جحد الشيطان، وهو زيت الفرح والبهجة؛ بسبب كسر كل علاقة مع الشيطان. وفي الــ 36 رشماً بالميرون بعد التغطيس في الماء ثلاث مرات باسم الثالوث.

فالصليب هو ختم بشارة الإنجيل، أي خبر الحياة أو بشارة الفرح.

والصليب هو قوة رب المجد الذي هزم كل قوات العدو، وهو ما تؤكده صلوات المعمودية، ويسلمه لي ولك رسول المسيح (كولو 2: 14-15)، ولذلك يرافقنا رشم الصليب في حياتنا اليومية.

ورشم الصليب بزيت الميرون (مسحة الروح القدس)، حيث يعطي لنا الروح القدس قوة المصلوب ربنا يسوع المسيح. لا يمكن فصل يسوع المصلوب والحي بالروح القدس الذي أقامه (رو 8: 11)، وحياة الحي إلى الأبد بالروح، وختم ملكه الإلهي هو الذي يبقي لنا شركتنا في الرب بالروح القدس؛ لأننا صُلبنا معه، ومُتنا معه، ودُفنَّا معه وقمنا معه (رو 6: 1-8).

رشم الصليب يأتي بقوة من الداخل من القلب:

* ارشم ذاتك بعزم، عزم مَن يقدِّم حياته للرب ذبيحةً حيَّةً؛ لكي توحِّد ذاتك بالمصلوب، فتجد الحياة الغالبة فيه.

* لا تهمل رشم الصليب لئلا تنسى أنه ختم المصالحة. اختم نفسك عندما يحتدم النقاش حتى تغلب الغضب وتطرد القوة التي تحرك البغضة في القلوب.

* ارشم ذاتك قبل أن تنام؛ لأنك مزمع أن تسلِّم جسدك وروحك للرب يسوع وقل معه: “يا أبتاه في يديك استودع روحي”.

* ارشم ذاتك عندما تقوم من النوم؛ لأن الصليب هو قوة تجديد الحياة، وعند ارتداء ملابسك لأنك تخلع القديم وتلبس الجديد.

* ارشم ملابسك لأنها هدية وقربان من الله لك حتى وإن كانت من مالك وبنقودك لأنه أعطاك الصحة لتعمل.

* ارشم ذاتك قبل أي عمل؛ لأنك مصلوبٌ مع الرب، وخدمتك حتى للذين لا يحبونك هي ضرورية من أجل اتقان محبة الأعداء. من أتقن محبة الأعداء أتقن أول درس في محبة الثالوث الذي صالحنا لنفسه رغم أننا خطاه (راجع 2كو 5: 19)؛ لذلك ضع ختم المصالحة على قلبك وارشمه بقوة المعمودية لكي لا تسقط في البغضة.

* ارشم الصليب قبل الصلاة لأنه قوة المصالحة.

* ارشم الصليب عند صلاتنا “يارب ارحم”؛ لأن رحمة الله العظمى قد تجلت في موت ابنه.

* ارشم الصليب قبل بدء أي صلاة؛ لأنها علامة عهد المصالحة وخدمة كهنوت الوسيط ربنا يسوع الذي باسمه نقدِّم الصلوات، لا سيما قبل قراءة الكتب المقدسة، لأن الصليب هو قوة الله للخلاص.

* ارشم ذاتك عند تقديم القربان؛ لأنك برشم الصليب توحِّد ذاتك مع يسوع قربان محبة الله الآب للإنسانية، ولكي تسري فيك قوة المحبة الإلهية.

* ارشم ذاتك عند سماع كلمات التقديس: “قدوس. قدوس. قدوس”؛ لأننا صولحنا مع القوات السمائية.

* ارشم ذاتك عند سماع كلمات الرب: “شَكَرَ – وباركَ – وقدَّسَ” لكي تشكر الآب على هبة الحياة، ولكي تنال بركة العهد الجديد، ولكي تتقدس بالذي قدس ذاته لأجلنا لكي نتقدس نحن فيه.

* ارشم ذاتك عند تمجيد الثالوث؛ لأن الصليب هو مجد المحبة الإلهية الثالوثية.

* ارشم ذاتك قبل تناول السرائر؛ لأنك –بالتناول- صرتَ واحداً مع الذبيح الأعظم. بعد تناول الدم الكريم ارشم ذاتك بما في فمك واختم جبهتك وعينيك بعلامة الصليب” (كيرلس الأورشليمي عظة عن تناول السرائر في تعليم الموعوظين).

تسبيح المصلوب بعلامة الصليب، وهو تسبيح الآب والروح القدس:

+ “باسم الآب مصدر حياتي والابن خلاصي والروح القدس حياتي وشركتي”.

+ “أُسبِّحك يا رب لأنك أرسلت ابنك الوحيد هذا الذي نزل من السماء لأجلنا وبموته المحيي نقلنا من الشمال إلى اليمين وأجلسنا معه في السماويات”.

+ عندما ترفع يدك لترسم علامة الصليب، وتلمس جبهتك قل: باسم الآب الذي دعاني من العبودية للحرية، والابن الذي فداني وحررني وبموته وقيامته أعطاني الروح القدس الذي نقلني من الشمال إلى اليمين”.

+ ألمس عهدك الأبدي يا ربي يسوع المسيح برشم علامة عهدك الذي وهبه لنا أبيك الصالح بقوة روحك القدوس”.

+ “قدوسٌ أنت أيها الآب الذي صالحنا في ابنه. قدوسٌ أنت يا ربي يسوع لأنه بموتك وقيامتك صار لنا غفران وميراث الملكوت. قدوسٌ أنت يا روح الآب الذي أنارنا لمعرفة المحبة الأزلية. أنرني يا ربي الصالح روح الحق لكي أجد في نورك الحق والحياة”.

حركة اليد اليمنى:

+ هي ذات اليد التي رُفعت إلى فوق عند الاعتراف بالمسيح ربَّاً بعد جحد الشيطان في المعمودية. وهي ذات اليد التي ترشم علامة الصليب.

+ “باليد والفم والقلب وبقوة الروح القدس نختم ذواتنا؛ لأننا نضع انفسنا وجهاً لوجه مع ذات الاعتراف الذي قبلناه في خدمة سر التبني المعمودية المقدسة”.

+ ارشم (اختم) ذاتك لأنك روحاً وجسداً تتحول إلى مجد البنوة وختم ذاتك بعلامة “الملك الأبدي” علامة يسوع رب الحياة.

+ عندما ترشم ذاتك بعلامة الرب والمخلص، فأنت تدخل جسداً وروحاً سر التبني، وعلى يمين الآب في المسيح الرب تقف عندما تقول: باسم الآب والابن والروح القدس.

+ اليد اليمنى واليد اليسرى قد غطستا معاً في مياه الحميم الجديد؛ لأن الجسد الذي خُتِمَ 36 ختماً بالميرون الإلهي يخدم الثالوث؛ لأن الجسد برشومات الميرون قد وُحِّدَ مع الروح ليقف عند عرش الثالوث القدوس.

رشم الصليب وتمجيد الثالوث:

حسب التسليم الكنسي، كلما ذُكر اسم الثالوث الآب والابن والروح القدس تشاهد الذين استلموا الإيمان يرشمون ذواتهم، وكل مرة نذكر فيها السجود للآب والابن والروح القدس يرشمون أنفسهم ايضاً.

الرشم عند ذِكر الثالوث هو عودة الوعي إلى رشومات الميرون ونعمة التبني والمصالحة والخلاص.

أما عند السجود، فهو لأننا -برشم الصليب- نُسلِّم حياتنا للثالوث القدوس، ونتعلم خضوع ذلك الذي خضع للموت طواعية (يوحنا 10: 18) لكي يغرس فينا طاعة المحبة.

القارئُ اليَقِظ: إن كنت قد عشت مع القمص ميخائيل إبراهيم، فسوف ترى بعض ملامحه في السطور السابقة، حيث كان أكثر إنسان يرشم الصليب. وإن كنت قد ذقت الجانب السري Mystical في صلاة القداس، فسوف ترى بعض ملامح القمص مينا المتوحد.

رجاء مراجعة كتاب “معاني رشم الصليب”([1]).

دكتور

جورج حبيب بباوي


([1]) منشور على موقع الدراسات القبطية والأرثوذكسية.

التعليقات

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مواضيع ذات صلة