رَدٌّ على تعليق الأخ صليب

ورد إلى الموقع تعليق من الأخ صليب على مقالنا عن تحديث الخطاب اللاهوتي في الكنيسة القبطية الأرثوذكسية- 1 قال فيه:

أستاذي الفاضل الكبير، دكتور جورج حبيب

لك الحق في كل ما تكتبه، وأما فكرك اللاهوتي، وتعليمك، فهو أنقي وأرقي فكر لاهوتي، وذلك لأنه امتداد لفكر الآباء الأولين، الذين أناروا عيون وقلوب المؤمنين علي مر العصور. ولقد تمتعت وما زلت أتمتع بهذا التعليم الراقي، وذلك منذ أن تتلمذت علي يديك في سبعينات القرن الماضي. ولقد تألمت وما زلت أتألم علي ما كل ما أصاب محبتكم طوال هذه السنوات الماضية، نتيجة محاولاتكم الأمينة والمخلصة لإعادة التعليم في الكنيسة إلى الينابيع الأولى، وإنني أؤمن كما ذكر سيادتكم، أنه نعم، سيصير فكر الآباء، فكر الينابيع الأولي، هو فكر الكنيسة في هذا الجيل والأجيال القادمة، وذلك لأن تعبكم ليس باطلا أبدا في الرب.

الشيء الوحيد الذي أود أن أناقشه مع حضرتك يا دكتور جورج، فما لفم، هو أن قادة هذا الجيل وخاصة سيدنا البابا القديس البابا شنودة، فرضت عليهم تحديات زمانهم، أن يكون لهم فكرهم اللاهوتي الخاص، لمواجهة الفكر الإرهابي التكفيري، الذي عانت وعاني منه الكنيسة والمؤمنين.

وأنا لن أكون غريب أبدا عليك يا دكتور جورج، للحضرتين في قلبي محبة كبيرة، وأيضا في قلب محبتكم محبة كبيرة لضعفي، حتي وإن كانت قد مرت سنوات كثيرة لم نتقابل، ولكني أتقابل كل يوم مع تعليمكم الرائع والذي تغتذي به دائما، فليحفظ المسيح حياتك الغالية، يا أستاذنا الجليل.

تلميذك، المخلص والمحب لك.


ورداً على هذا التعليق نقول:

أولاً: أشكرك جزيل الشكر على ما أبديتموه من شعوركم تجاه شخصي الضعيف، طالباً لك من رب المجد كل نعمة وبركة.

ثانياً: ليت روح الحق وحده، ينطق على لسان كل من هو مهموم بالكنيسة.

لقد قرأت تعليقك، وأمامي أحد احتمالين:

1- إما أنك لم تكن موجوداً في مصر طوال 40 عاماً.

2- وإما أنت ترى وتفهم بالعاطفة وحدها.

الإيمان ليس له علاقة بالمرة بالأشخاص. نحن نقر ونعترف -بعد جحد الشيطان- حسب طقس كنيستنا: “التصق بك أيها المسيح إلهي”، وهو المعنى القبطي الذي يُدخلنا في شركة حقيقية مع الرب يسوع المسيح نفسه؛ لكي يصبح يسوع هو الوجود والحياة.

أما “صوت العاطفة، فهو ضعيف الحجة، بعيدٌ عن إدراك الحقيقة”، وأتمنى أن يُحرِّك الفهم والتمييز عواطفك؛ لأننا لسنا أمام ولاءٍ لشخصٍ، مهما كان هذا الشخص. لا ولاء لنا إلَّا للمسيح المخلص والفادي، والكنيسة تعلِّمنا ذلك؛ لأن الرب يسوع -حسب التسليم الكنسي- هو: ربنا وإلهنا ومخلصنا وملكنا كلنا يسوع المسيح”، تلك صيغةٌ لم أجد لها صيغةً ليتورجية مثيلة عند الكنائس الأرثوذكسية الأخرى. طبعاً أنا أقصد الولاء للإيمان، للحياة التي من الرب والإله والمخلص ربنا يسوع المسيح، والذي هو يملك كل ما فيها، فلا فضلَ فيها لقسٍّ أو قمصٍّ أو أسقفٍ أو بطريركٍ؛ لأن الحياة التي أخذناها، بالرغم من أن هؤلاء خدموها فعلاً، ولكنها ليست حياتهم هم، بل هي حياة الرب يسوع: “هبة الله هي حياة أبدية في المسيح يسوع ربنا” (رو 6: 23)، لذلك -يا أخي الكريم- أضع أمامك هذه الحقائق التي نُشرت في مجلة الكرازة، والتي لا تزال تنشر على عدة مواقع الكترونية، على أنها تعليم أرثوذكسي.

أولاً: الثالوث القدوس:

هو ثلاث صفات: الوجود والعقل والحياة. وهي بدعة سابيليوس.

ثانياً: تجسد الابن الوحيد:

يقول إن ناسوت الرب “هو مولود غير مخلوق”، والعبارة خاصة بلاهوت الابن وليس بتجسده، وهي هرطقة ابوليناريوس.

ثالثاً: الكنيسة:

أدخَلَ البابا شنودة الثالث ما صار يعرف بنظرية الأجساد الثلاثة: جسد الرب من والدة الإله – جسد الرب في العشاء الرباني – الكنيسة جسد المسيح. وفَصَل بين الثلاثة، فلم يعد لدينا كنيسةً واحدةً مقدسةً، وجسداً واحداً، هو جسد ربنا الواحد غير المنقسم إلى ثلاثة أجساد. وهذه هرطقة خاصة به وحده، فلا وجود لها في التاريخ الكنسي.

رابعاً: الإفخارستيا:

كما قال هو إننا نأخذ ناسوت الرب فقط، وليس المسيح الله الكلمة، وهي هرطقة نسطور.

خامساً: الروح القدس:

الروح القدس ذاته لا يُعطى، وإنما الذي يُعطى هو المواهب، ووصلت البدعة في شكلها الجديد إلى “الحلول المواهبي” حسب تعبير بعض تلاميذ أنبا شنودة الثالث.

سادساً: رئاسة الكنيسة:

البابا هو رأس الكنيسة وليس المسيح الرب، وذلك نقلاً عن المصادر الكاثوليكية التي تنازل عنها الكاثوليك. وكاد يحاكم نيافة الأنبا بفنوتيوس أسقف سمالوط على كتاب “رئاسة أعمال الكهنوت” الذي قال إن رئاسة الكهنوت هي للرب وحده.

هذه هي قائمة مختصرة عن تعليم الأنبا شنودة الثالث، وهي كلها تجدها منشورة في مجلة الكرازة – وكتاب بدع حديثة، وغيره مما كتب.

أنا -يا أخي- لا شأن لي بحياته الشخصية. هو المبتدع، وبالرغم من ذلك، يحاكِم غيره على بدع غير موجودة إلَّا في عقله هو، وعقول أساقفته التي تم شحنهم بها.

الإدارة الكنسية:

انتهينا إلى وجود جيش من الأساقفة، لم يدرس لا الكتاب المقدس، ولا التاريخ، ولا العقيدة الأرثوذكسية، مما جعل الحوار متعذراً، بل مستحيلاً.

أليست فضيحة -جعلت كنائس المسكونة تسخر منا- أن يوضع في سكرتارية المجمع طوال 25 عاماً، ثم بعد ذلك يرأس معهد الدراسات القبطية، مَن لم يدرس ولم يدخل حتى إكليريكية، ولا درس في أي معهد لاهوتي أرثوذكسي؟ ويُقال لنا إن لديه من يُترجم له ويُقدم له دراسات “منزلية”، وهو ما تشهد به مقالات مجلة الكرازة عن الخطية الأصلية وموت المسيح النيابي ..إلخ وما كان منشوراً على موقعه الذي تم – بحمد الله – تعديل الكثير فيه يشهد بأنه لم يتجاوز العصر الوسيط.

ثم، ما هو سر العداء والهجوم الدائم على الأب متى المسكين؟

أنت تقول “إن قادة هذا الجيل وخاصة سيدنا البابا القديس البابا شنودة، فُرضت عليهم تحديات زمانهم، أن يكون لهم فكرهم اللاهوتي الخاص، لمواجهة الفكر الإرهابي التكفيري، الذي عانت وعاني منه الكنيسة والمؤمنين”. فهل كان تعليم الأب متى المسكين هو سبب إثارة الجماعات الإسلامية؟ وما علاقة التعليم بالخطية الأصلية، ونظرية الأجساد الثلاثة، والموت النيابي، وعدم حلول الروح القدس فينا بل المواهب …إلخ بمواجهة الفكر الإرهابي؟ هل تقصد أن التعليم بتلك الترهات كان وسيلةً لمواجهة الفكر الإرهابي والحد من معاناة الكنيسة والمؤمنين منه؟!!!

لا يليق يا أخي أن تسمح للعواطف بأن تقدم لك حجةً واهيةً؛ لأن ما حدث طوال 40 عاماً كان هدماً منظماً لكل ما سُلِّم إلينا من تعليم وحياة، تراه اليوم سافراً في حياة أساقفةٍ صاروا ملوكاً وأمراء لشعب يبحث عن القوت الضروري والدواء والسكن. وإذا حدثت مشاكل زوجية، فإن إصدار تصريح الزواج الثاني يتطلب دفع ما بين 20 إلى 40 ألف جنيه، وبعضها دُفع بالدولار الأمريكي ..

لو كان لدينا نخوة وشجاعة، لشكَّلنا لجنة تقصي حقائق لمحاكمة المسئولين، ولكن يبدو أنهم فوق المسائلة ..

في النهاية، أرجو ألَّا تضعني في صفٍّ واحدٍ مع الأنبا شنودة الثالث؛ لأن هذا ضد كل ما تشهد به الأحداث والوثائق. ليترأف الرب على قداسة البابا تواضروس الذي ورث تركةً ثقيلة، سوف تكلفه مواجهتها الكثير، أعانه الله على حملها ومواجهتها.

دكتور

جورج حبيب بباوي

التعليقات

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مواضيع ذات صلة