التسليم الكنسي – 2

المذبح والهيكل:

“المذبح البحري والمذبح القبلي”. ليس لدينا مذبح شمال ومذبح يمين. هكذا قال أبونا مينا، ثم أضاف: ويكون مذبحٌ للرب في وسط أرض مصر، حسب نبوة اشعياء. ووسط أرض مصر ليس وسطية جغرافية، بل الوسط هو مكانٌ مميزٌ وسط غيره، وهو مميزٌ لأنه لرب القوات.

المذبح البحري هو وجه بحري، والمذبح القبلي هو وجه قبلي، ونحن نطوف حول المذبح أثناء صلوات الأواشي لكي يكون مذبحاً للرب في وادي النيل. ونحن نطوف حول المذبح؛ لأن المذبح هو مركز حياتنا المذبوحة بالمحبة، والذي هو الشاهد المنظور على المذبوح لأجلنا ربنا يسوع المسيح.

ثم علَّق على كتابٍ يشرح طقوس الكنيسة، كنَّا ندرسه في الكلية الإكليريكية، وقال لو احتجت إلى نار زيادة، حُط الكتاب في الفرن لما تخبز القربان. كان يضايقه تفسير الشمعتين([1]) على أنهما الملاكين اللذين ظهرا عند قبر المخلص، وقال إن المذبح ليس قبرا،ً ولا هو أسوار أريحا ندور حولها كما دار يشوع. الشمعة الأولى هي شهادة الشريعة، والشمعة الثانية هي شهادة الأنبياء، وكان أبونا عبد المسيح المسعودي يقول إنهما شهادة العتيقة (العهد القديم) والجديدة (العهد الجديد) على المائدة السماوية التي توضع لأجلنا نحن. هما شهادة للرب يسوع.

ولما قرأ معي الجزء الخاص بالابروسفارين والختم (اللفافة المثلثة)، قال إن تغطية التقدمة حتى في اللغة الدارجة “الستر” هو سبب وجود الموعوظين، فلا علاقة لهذا الطقس بدفن المسيح، ورفع اللفافة ليس لرفع ختم بيلاطس؛ لأن الرب قام والملاك ميخائيل دحرج الحجر، وإنما لأن سر المسيح قد أُعلن. التقدمة مستورة عن الموعوظين، وتُعلَن بعد الاعتراف بالإيمان وصلاة الصلح.

الكاهن يغسل يديه أثناء الاعتراف بالإيمان؛ لأنه يعلن براءته من الهرطقات، ولسببٍ آخر، وهو “نظافة اليدين”. الغسل هنا أمام الشعب براءةٌ من كل تعليم غريب.

مصرُ هي الهيكل، هي استعلان بركة وحضور ربنا يسوع المسيح في وادي النيل.

رشم الصليب استلمه من الرب يسوع:

قال لي أيضاً: مع كل رشم في الخدمة الإلهية (القداس)، لازم ترشم نفسك علشان توحَّد نفسك مع الأب الكاهن في الصلاة وقبول السر، لا سيما عند ذكر رشومات الخبز والخمر، وفي رشومات التقديس أثناء استدعاء الروح القدس؛ لكي تكون أنت ذبيحة موحَّدة برشم الصليب، وبقوة الروح القدس لكي تتحول أنت أيضاً إلى جسد المسيح.

وبعد استدعاء الروح القدس، عندما ينحني الكاهن أمام المخلِّص، ويقول السلام للكل، فالتسليم الكنسي هو أن رئيس الكهنة الرب يسوع هو الذي يعطي البركة برشم الصليب، وأنت لمَّا ترشم نفسك، تأخذ رشم الصليب من الرب يسوع المسيح نفسه؛ لأنه يرشمك سرياً، وأنت ترشم نفسك لقبولك هذا الرشم.

كانت هذه هي المرة الثانية التي ذَكَرَ فيها أبونا مينا المتوحد هذا التسليم، ليس بنفس الألفاظ، وإنما بنفس التعليم.

لماذا نسجد عند استدعاء الروح القدس؟

لأننا بالسجود نخضع خضوع المحبة، وليس خضوع العبيد. أنت عارف إننا قبل السجود بنرشم أنفسنا بعلامة المصالحة (رشم الصليب)؛ لأننا بهذا الرشم نقدِّم ذواتنا بالروح القدس أنقياء بموت الرب وقيامته، ولأننا عندما نقول: “باسم الآب والابن والروح القدس”، نحن نعود بالقلب إلى تغطيس المعمودية وولادتنا الجديدة.

نحن نقبل جسد ودم الرب من الروح القدس الذي أعطى للابن له المجد ربنا يسوع هذا الجسد في تجسده، وباستدعاء الروح القدس نبقى في ذات التدبير.


([1]) يحمل من نال سر المعمودية شمعةً عند الطواف به في الكنيسة؛ لأنه استنار، ولأن ما يعرف باسم “الزفة” هو تقديم من نال السر للشعب الحاضر الخدمة الالهية لكي يتعرف عليه ونصلي له أيضاً.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مواضيع ذات صلة