بيان التيار العلماني القبطي

بيان التيار العلماني القبطي

وقفة موضوعية بشأن مظاهرات الكاتدرائية

تقدم الكنيسة القبطية الأرثوذكسية صفتها الوطنية وانتماءها لتراب هذا الوطن على صفتها الروحية (الدينية)، لتؤكد أن ايمانها غير منقطع الصلة بمصريتها، ولذلك ظلت بامتداد تاريخها واحدة من قلاع حماية هذا الوطن، وتصر فى صلاتها اليومية على الصلاة من أجل النيل والزروع والمعوزين حتى تصل الى الصلاة من أجل الرئيس والجند والوزراء، وتضع كل من له طلبة أمام الله، ومن أجل السلام والنماء والمحبة وحماية الوطن من الحروب والمتاعب والغلاء والفناء وسيف الأعداء، ولم تتوقف عن هذا الدور حتى اليوم، ولعل موقفها المبدئى من ثورة 30 يونيو جاء تأكيداً لهذا، رغم ان اللحظة وقتها كانت غائمة، والمخاطر كانت تدق أبوابها وتهدد سلامها. وهو الأمر الذى استنفر قوى الشر والمتربصين بالوطن فراحوا يستهدفونها غير مرة، وفى يقينهم أن تعويق الكنيسة عن اداء دورها ومسيرتها سينتهى إلى تعوبق مسيرة استرداد الوطن وإعماره والخروج به من النفق الذى امتد طويلاً.

ومن اللافت أنه بينما يمر الوطن بمرحلة انتقالية دقيقة، يصارع فيها العديد من القوى المتربصة به وبمشروعه الحضارى، تمر الكنيسة بمرحلة انتقالية مثيلة، وتواجه ضغوطاً لإعاقة خروجها والإنتصار على المعوقات متعددة المصادر، سواء من تيارات الجمود التى ترفض التواصل مع الكنائس الأخرى وتعويض السنين التى أكلها الجراد، وتحديث أدواتها بما يتفق واحتياجات رعيتها وأجيالها الجديدة، أو من تيارات المصالح التى تشكلت فى عصور مضت، أو من يعتبرونها المعوق الأساسى أمام تحقيق رؤيتهم وسعى اختطاف الوطن فى ردة حضارية مدمرة. ولما كان البابا البطريرك وفقاً للتراتبية الكنسية هو الرمز الذى يمثل الكنيسة ويجلس على كرسى تدبيرها فيكون استهدافه أقصر الطرق للنيل منها، خاصة وأنه جاء يحمل رؤية مغايرة لما استقر عند المتنفذين فيها، فاقتربوا فى مسعاهم مع من يستهدفونها من خارجها. وقد أعلن قداسته عن سعيه لضبط مؤسسات الكنيسة الأساسية؛ التعليم والرهبنة والإدارة، واتجه لفتح قنوات للتواصل مع الكنائس الأخرى، تحقيقاً لوصية رب الكنيسة المسيح، أن يصير الكل فى واحد، الأمر الذى أزعجهم فكان تحالف الجمود والمصالح وتصفية الحسابات. وعليه فقد تعرض قداسة البابا تواضروس لسلسلة من الممارسات الضاغطة وغير المتسقة مع طبيعة الكنيسة ، بدأت مع السيدة التى قاطعته فى محاضرته فى اجتماعه الإسبوعى فكان أن انتهرها باعتبار أن للكنيسة قدسيتها واحترامها، فتم تسويق هذه الواقعة على أنها خلل فى تعامل البابا مع رعيته، لتتكرر مجددا فى شكل مظاهرة من بعض مضارى الأحوال الشخصية فى نفس الاجتماع بعد أسابيع، فيقطع البابا محاضرته وينصرف حتى لا تتصاعد الأمور الى مصادمة وتتولى ماكينة التشويه استثمار هذا الحدث فى تشويه صورة البابا، فيعلن البابا إيقاف الاجتماع لتدق القوى المتربصة طبول التشويه بأنه يقطع صلته بالناس، فيعاود البابا عقد الاجتماع موزعاً على أماكن متعددة، فيتم الإعلان عن مظاهرات احتجاجية حاشدة وغاضبة، الأمر الذى يكشف عن استهداف تم الترتيب مسبقا له لخلخلة الثقة فى البابا ربما تمهيداً لتصعيد أكبر يستهدف تحجيم وتقليص وربما هدم خطوات البابا الجادة والضرورية لتحديث ادارة الكنيسة وتطوير أدواتها للتواصل مع الناس والرعية. على أن هذا دعمته بعض الممارسات داخل المقر البابوى والتى افرزها غياب المعلومات المتعمد وغياب الخبرة المناسبة فى الدوائر المحيطة بقداسة البابا، والتى أدت إلى تأخر أو تباطؤ خطوات التصحيح الحازمة، والإعتماد على من هم محل ثقة وبعضهم لم يقو على مقاومة اغراءات بعض مراكز القوى التى تشكلت فى عصر سابق. ولا يمكن أن نغفل وجود تكتلات تستهدف البابا ومشروعه التحديثى داخل أروقة المجمع المقدس، ويسعون بشكل محموم لحشد الأساقفة حولهم، لتكون جبهة مقاومة تسعى لإرهاب البابا والضغط عليه، وربما التصعيد لفرض وصاية منهم على حركة البابا وقراراته. ويبقى لنا بعض من ملاحظات على المشهد وهى فى مجملها منتج لمنهج التجريف الذى استقر خلال العقود الماضية ويحتاج الى مراجعة : ـ انعدام فرص الحوار بل وانعدام آليات الحوار ومطاردتها وتكريس نسق الإلتفاف حول شخص أو اشخاص. ـ سطحية تداول مشاكل الكنيسة وتحويلها إلى مصادمات إعلامية، وعدم الإنتباه لتأكيد هوية الكنيسة الآبائية حسب المسيح. ـ اختزال الكنيسة فى الإكليروس فقط واستبعاد الشعب واعتباره تابعاً، بينما الوضع الأصيل أن الكنيسة هى الشعب، والإكليروس هم خدام للشعب، وهذا الإستبعاد أسهم فى اختفاء الأبوة والتلمذة رغم كونهما الأساس الذى تقوم عليه الكنيسة، و فتح غيابهما الباب للصراعات والأزمات وتعويق خدمة ورسالة الكنيسة. ـ اعتبار أن تعليم النصف قرن الأخير هو تعليم الكنيسة حصرياً ، دون مراجعة أو تحقيق لاهوتى اكاديمى، وعدم الإلتفات الى تعاليم الآباء بامتداد تاريخ الكنيسة خاصة الخمسة قرون الأولى، رغم أنها الأساس الذى تقوم عليه الكنيسة. وهى ملاحظات نضعها أمام المجمع المقدس واراخنة الكنيسة لتصحيحها حتى تعود الكنيسة إلى منهجها الصحيح فى التعليم والرعاية والأبوة. وعلى جانب آخر نعلن كتيار علمانى ومعنا شباب الكنيسة وجموع الأقباط المستنيرين رفضنا التظاهر داخل الكاتدرائية ونرفض كل محاولات تعويق مشوار التحديث الكنسى ونطالب مجمع الآباء الاساقفة بالمبادرة باصدار بيان واضح يدعم المشروع التنويرى ويتبنى خطوات اصلاحية واضحة وجادة فى مقدمتها :

• حل مشكلة الأحوال الشخصية، على أرضية آبائية ومنهجية مسيحية متكاملة كتابياً وليتورجياً وآبائياً. • وضع نظام مالي عصرى للكنيسة يفى بمفهوم الجسد الواحد، ويفصل بين أموال الكنيسة ومخصصات الأب الأسقف وفق قوانين المجامع المسكونية والكنسية.

• سرعة انشاءالدوائر المتخصصة المعاونة للبابا فى تدبير وادارة الكنسية. • تفعيل دورالشعب فى إدارة أمورالكنيسة، وفى اتخاذ القرارات كل فى تخصصه ومجاله.

• السماح للأراخنة بالمشاركة فى أعمال المجمع المقدس، كمراقبين فى مرحلة أولى ومشاركين فى مرحلة تالية، وفق ترتيب كنيسة الرسل والعديد من الكنائس الأرثوذكسية. • تحديث منظومة التعليم اللاهوتى تأسيساً على تسليم الآباء المحقق والعلوم الإنسانية الحديثة والتواصل مع الجامعات ذات الصلة فى الكنائس الأرثوذكسية الأخرى فى العالم.

• تحديث منظومة الرهبنة، لتعود الى دورها فى دعم الكنيسة ومدها بعناصر الخدمة المؤهلة روحياً وعلمياً ونفسياً، وعودتها الى دورها البحثى والتنويرى. ووفقاً للقانون رقم 107 لسنة 2013 بشأن ﺗﻨﻈﻴﻢ ﺍﻟﺤﻖ ﻓﻲ ﺍﻻﺟﺘﻤﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ﻭﺍﻟﻤﻮﺍﻛﺐ ﻭﺍﻟﺘﻈﺎﻫﺮﺍﺕ ﺍﻟﺴﻠﻤﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻷﻣﺎﻛﻦ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ ـ المادة الخامسة يحظر الاجتماع العام لأغراض سياسية في أماكن العبادة أو في ساحاتها أو فى ملحقاتها، كما يحظر تسيير المواكب إليها أو التظاهر فيها نطالب الدولة باحترام خصوصية باحة الكاتدرائية التى لا يجوز أن تكون محلاً للتظاهر، والإلتزام بتطبيق القانون فيما يتعلق بمنع التظاهر داخل دور العبادة وملحقاتها.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مواضيع ذات صلة