ميناء الخلاص للساعين للحياة الأبدية – 20

Christ_Iconالدواءُ المُرُّ لعلاج مرضٍ قاتلٍ -2

 

في لقاء مع الأب زكريا المعترف، ذكرتُ له ما كتبه الأب صفرونيوس عن أن الموت هو الداء الخفي في النفس، والذي يدفع النفس للبحث عن الخلود بأي ثمن وبأي شكل. عند ذلك ابتسم الأب زكريا المعترف، وقال: هذا صحيح، وله وجهٌ آخر، وهو الكبرياء. فالنفس التي ترى أن حياتها أعظم من الكون، وأعظم من باقي البشر، هي نفسٌ مستعبدةٌ لداءٍ قديم، وهو الخوف من الموت، فالخوف من الموت هو وجهٌ آخر للكبرياء.

في معتقل سيبريا كان الحراس يضربون السجناء بقوة غير عادية، وفي إحدى المرات ضربني واحدٌ منهم حتى أسال الدمَ من رأسي ومن رقبتي، وسألته: لماذا تفعل ذلك؟ فقال: “أنت عدو الشعب. أنت عدو الاتحاد السوفيتي”. وسألته: وما هو الدليل على ذلك؟ فنظر لي وارتجف وقال: لا أعرف، ولكنك أنت هنا مع هؤلاء “الزبالة”!

هؤلاء “الزبالة”، كانوا قبل المعتقل أطباء وأساتذة جامعات، ولكن كل واحد منهم فَقَدَ اسمه، وأعطاه المعتقل رقماً، وكان رقمي هو 221.

الكبرياء تولِّد العنف؛ لأننا نحتقر الآخرين، وهي تحرك الدفاع عن النفس الذي وُهِبَ لنا لكي نحفظ حياتنا من المخاطر، وتحوله إلى عدوان على الآخرين بسبب فرط محبة الذات؛ لأن الإفراط في محبة الذات هو شكلٌ من أشكال الكبرياء.

سرعةُ الحكم على الناس مصدرها الكبرياء. بل أننا نحكم على الثالوث نفسه، ونصف الثالوث بأنه غير معقول. ودواءُ الكبرياء المُر هو: إنكار الذات. قلت: كيف ننكر الذات، وهي كياننا؟ فقال: بالمحبة الحقيقية للرب يسوع، وبالاتحاد به مصلوباً وحيَّاً من الأموات. النداءُ باسم يسوع يُخرِجُ النفسَ من فخ الكبرياء؛ لأنه أشبه بنداء الخروف الضال الذي يبحث عن الراعي الصالح.

إذا كذبتَ خوفاً على كرامتك، فأنت تغذِّي الكبرياء. وإذا غضبتَ، ولو لسببٍ معقول، فأنت تسكب الزيت على نار الكبرياء.

ارشم ذاتك بعلامة الصليب، وقل عندما تحرك يديك: نَزَلتَ من فوق من عند الآب، وتجسَّدتَ أيها الصالح الابن الوحيد. وأنتم الأقباط تنقلون اليد من الشمال إلى اليمين، لذلك قل: دعوتني لأجلس عن يمينك في اليوم العظيم المخوف، فاحفظني أيها الملك السمائي.

كان الأب لوقا المعترف يقول أثناء رشم الصليب: منك أيها الآب يا من أرسلت الابن الوحيد، وبك أيها الروح القدس يا مَن تقدِّس، أختمُ ذاتي بعلامة العهد.

عن الأب زكريا المعترف (13 سنة في المعتقل)، تعلمتُ أن أطلب كما قال: “دواء الرب يسوع الكلي الاتضاع، لا لكي أُحارِبَ أعراض الكبرياء، بل أصلُها، وهو انعدام المحبة للرب وللآخر بحجة أننا أعظم”.

يا رب ارحم.

التعليقات

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مواضيع ذات صلة