تهنئة لقداسة البابا تواضروس، وللمجمع المقدس

تهنئة لقداسة البابا تواضروس، وللمجمع المقدس

مع رجاء في خطوات أخرى نحو الأفضل

 

تعزَّى قلبي عندما قرأت أنه توجد لجنة طبية كأحد لجان المجمع، وأن موضوع الإدمان قد نال إهتماماً تأخر بعض الوقت، ولكنه لم يفقد أهميته. وعاد الآباء إلى الشركة في سر الأسرار، وجاء التأكيد على عدم نجاسة الجسد، وهو أي الجسد الذي يعاني منذ القرن الثالث الميلادي عندما انتشرت مدارس الغنوسية، والتعليم الأفلاطوني بوجود النفس قبل وجودها في الجسد، وأنها سُجنت في الجسد عقاباً لها، مما دعى القديس كيرلس عمود الدين للرد على هذا التعليم في شرح الإصحاح الأول لإنجيل القديس يوحنا. وعلى الرغم من مقاومة الأرثوذكسية لمدارس الغنوسية بالتأكيد على أن الجسد ليس هو مصدر الشر في الإنسان، إلا أن تطرف بعض مدارس النسك (دون إفراز أو تمييز)، ظلَّ يسعى نحو قتل الجسد، واعتباره عدواً يجب قتله أو السيطرة عليه أحياناً بالعنف والقسوة بالامتناع عن الطعام  والوقوف للصلاة لأيام طويلة … الخ.

رغم أن العبارات السلبية التي وردت بالبيان مثل “عدم النجاسة” جيدة، ولكن الأفضل هو التأكيد على “قداسة الجسد”؛ لأن هذه القداسة وُهِبَت لنا في سر الإنضمام إلى الكنيسة، وهي الأسرار الثلاثة: المعمودية – الميرون – الإفخارستيا، لكي تعطي لنا ذات قداسة الابن والروح القدس. خصوصاً، وقد أصبحنا في حاجة إلى هذا التأكيد تحت وطأة الشعور بالذنب؛ لكي يرفعنا الإيمان، وعمل نعمة الثالوث القدوس إلى “حرية أولاد الله”، لا للبقاء في “خوف العبيد”.

هذه خطوة أفضل نحو ما هو أعظم، بل وأبدي.

ولكن تبقى قصة الاستعداد الجسدي. والخطوة الأفضل، هي أن يُترك هذا لحرية المؤمن، لا محاصرة هذا الاستعداد بالسلوكيات الشائعة التي ليس لها أساس، لا في العقيدة الأرثوذكسية، ولا في القوانين الكنسية في الألف سنة الأولى من تاريخ الكنيسة الجامعة.

أما إغراء العودة إلى تشريعات العهد القديم، فيكشف عن حقيقة إيمان الداعين لذلك. فقد نشر أحد أساقفتنا على مواقع التواصل الاجتماعي حديثاً يمنع فيه السيدات من لمس أجساد الشهداء، وقال إن هذه الأجساد مثل أواني المذبح، ونسى هذا الأسقف أن المرأة قد قُدِّست بالميرون مثل المذبح، ولعله لا يعرف أن تقديسها أعظم من المذبح؛ لأن تقديس الإنسان هو تقديسٌ أبديٌّ، أما المذابح فسوف تصبح هباءً في يوم إشراق المخلص بمجده عندما يأتي ليدين المسكونة بالعدل.

ولا شك أن محاصرة الاستعداد الجسدي بوظائف الجسد، هي عودة إلى شريعة العهد القديم التي لم تؤسَّس على تجسد ابن الله، ولا على سكنى الروح القدس، ولم يكن فيها سرائر مثل سر التبني في المعمودية، أو المسحة الإلهية في الميرون، والاتحاد الأبدي بالرب في الإفخارستيا، وهو ما تؤكده صلواتنا الليتورجية: “يُعطى عنا خلاصاً وغفراناً للخطايا وحياةً أبديةً لمن يتناول منه”، ولذلك فالأمر لا يزال محل نظر.

مرةً أخرى، نكرر التهنئة، سائلين من الثالوث القدوس الذي أعطانا الرجاء بأن نطلب الأفضل، أن يقود قداسة البابا تواضروس الثاني الذي يقود المسيرة وسط صعاب وأوجاع، ودم ومضايقات يومية لشعب الكنيسة من فئات تسعى لهدم وحدة الوطن والقضاء على الدولة المدنية. ومن هنا جاءت أهمية الفقرة التي تؤكد، ليس فقط الإنتماء للوطن، بل أننا واحد مع شعب مصر العظيم.

د. جورج حبيب بباوي

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مواضيع ذات صلة