الحياة الأبدية هي معرفتنا بالآب

الأخ الفاضل/ سلام من الرب يسوع

الحياة الأبدية، كما قال الرب نفسه هي معرفتنا بالآب، ولكنها ليست معرفة خارجية، بل هي من الحياة نفسها؛ لأن انفصال الحياة عن المعرفة والمعرفة عن الحياة جاء مع الموت، ولذلك يقول الرسول: “ونحن جميعاً ناظرين مجد الرب بوجه مكشوف كما في مرآة نتغير إلى تلك الصورة عينها من مجد إلى مجد كما من الرب الروح” (2كو 3: 18). وكم هو غريب حقاً أن يعترض المطران على شركتنا في مجد الرب يسوع بأن يستخدم نهي الأنبياء عن العبادة الوثنية: “مجدي لا أعطيه لآخر”؛ لأن الآب أشرق في قلوبنا نور معرفة مجد الله في وجه يسوع المسيح (2كو 4: 6)، ومع ذلك فإن هذا الكنز هو في أوان خزفية (2كو 4: 7). وانفصال المعرفة عن الحياة الذي جاء مع الموت يمكن أن نفهمه قياساً على قول رسول الرب: “الذي سمعناه الذي رأيناه بعيوننا الذي شاهدناه ولمسته أيدينا من جهة كلمة الحياة” (1يوحنا 1: 1)، فإن الذي ظهر لم يكن معرفة بلا حياة، بل حياة تعطي معرفة “فإن الحياة أُظهرت وقد رأينا ونشهد ونخبركم بالحياة الأبدية التي كانت عند الآب وأُظهرت لنا “. ولم يكتفِ بذلك، بل قال إنه كَتَبَ لكي يكون للذين يؤمنون “شركة معنا”، هي شركة حياة ومعرفة: “وأما شركتنا فهي مع الآب ومع ابنه يسوع المسيح” (1يوحنا 1: 2-3).

أنت تكتب يا أخي العزيز بأسلوب غريب؛ لأنك ضحية تعليم حاصر الأرثوذكسية في ألفاظ. “نحن في الحق”، معرفة، ولكن الباقي “في ابنه يسوع المسيح هذا هو الإله الحق والحياة الأبدية” (1 يوحنا 5: 20-21). فمعرفة يسوع المسيح هي أن نوجد فيه (فيلبي 3: 8) ولذلك “لأعرفه وقوة قيامته وشركة آلامه” (فيلبي 2: 10)، فكيف قال الرسول: “لي الحياة هي المسيح” (فيلبي 1: 21)، وأيضاً: “مع المسيح صُلبت فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيَّ” (غلا 2: 20)، فهل للرب يسوع المسيح حياتين Two Lives؟ هل انقسم المسيح وانفصل الرأس يسوع عن الجسد الكنيسة؟ وهل كانت حياة الابن غير حياة الآب: “كما أرسلني الآب الحي وأنا حي بالآب فمن يأكلني فهو يحيا بي” (يوحنا 9: 57، راجع أيضاً يوحنا 5: 29).

هكذا يمتد الفصل إلى حياة الثالوث نفسه.

أمَّا عن خلود الأشرار، فلم يذكر الرب أنهم خالدون بحياة أبدية، بل ذكر قيامة الأبرار للمجد وقيامة الأشرار للدينونة، بلا مجد، بلا شركة، وفي ظلمة. وأبدية الأشرار ليست أبدية حياة بل هي أبدية موت. فكيف صار الموت أبدي؟ صار أبدياً بالاغتراب عن الله. هو اغتراب أبدي يملكه الله. ما هو، لست أعرف. وهنا لا يفوتني أن أذكر للقراء أن رأي العلامة أوريجينوس بعدم خلود الأشرار قد نسبه الأنبا بيشوي إلى شخصي، ولم يقل إنه رأي أوريجينوس. تماماً كما فعل الأنبا شنودة والأنبا بيشوي، إذ ينسبون إليَّ تعليم والتسليم الكنسي للقديس أثناسيوس، ويقولون إنه تعليم جورج بباوي هرباً من مواجهة التعليم الأرثوذكسي الذي أنكروه ويحاربونه، ولا زال الأنبا بيشوي يحاربه.

          أعود فأقول إن منهج ضرب حقيقة إيمانية واضحة، وهي حياة يسوع كعطية لنا، بتعليمٍ لم يُشرَح لنا بكفاية عن مصير الأشرار، سوى أنه جهنم التي لا نعرف عنها إلا القليل، فصار ما هو غير واضح -أي جهنم ولم يسلم لنا- يُستخدَم لإنكار ما هو واضح، هو منهج هراطقة القرون الخمسة الأولى. هذا تحذير لك يا أخي ولي أنا أيضاً. الاعتراض يجب أن يكون بحقيقة في مواجهة حقيقة مُسلَّمة، وليس بالإشارة إلى مصير الأشرار الذي لا نعرف عنه إلا كلمات قليلة.

الرب معك.

          د. جورج حبيب بباوي

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مواضيع ذات صلة