القديس الأنبا أنطونيوس الكبير، عدو الشيطان

          عندما انتشرت المديحة التي صاغها الأنبا شنودة الثالث عن القديس أنطونيوس الكبير أب الرهبان، وذكر فيها أنه تواضع “للشياطين”، اعترض عليها الراهب دانيال البراموسي، فجُرِّدَ وطُرِدَ وضاع قسم كبير من خدمته؛ لأنه ذكر حقيقة صراع الأنبا انطونيوس مع الشياطين، لأن الأنبا أنطونيوس، على عكس ما ورد في المديحة، لم يتواضع أمامهم، بل كما جاء في سيرته بقلم الرسولي أثناسيوس: “لمَّا رأى الشيطان أنه ضعيفٌ أمام غيرة انطونيوس (فقرة 5)، ظهر له في الخيال كعبد أسود .. أما انطونيوس فشكر الرب وواجه الشيطان بشجاعة قائلاً: أنت تستحق كل احتقار .. وعندما سمع ذلك المظلم هرب للوقت بأصوات مخنوقة (فقرة 6). وعندما سكن أنطونيوس في منطقة القبور (فقرة 8) دنا منه الشيطان وضربه كثيراً حتى أنه سقط على الأرض .. وبعد هذه التجربة المؤلمة عاد أنطونيوس وقال: “إنني لن أهرب من جراحاتكم ..” (فقرة 9). وبعد أن ظهرت الشياطين بشكل حيوانات متوحشة، قال وهو يهزأ بالشياطين: “لو كنتم تملكون أيه قوة، يكفي أن يأتي حيوان واحد منكم (فقرة 10)، بل في الفقرة التالية يقول أنطونيوس: “إن كنتم ذوي قدرة أو حصلتم على قوة ضدي، فلا تتأخروا في الهجوم علي”.

وقال عبارةً يجب أن تدوَّن على صخرةٍ، لا على الورق فقط: “الشياطين تخلقُ رؤىً للجبناء. لذلك ارشموا إشارة الصليب (فقرة 13)، كما طلب أنطونيوس من سامعيه الحصول من الروح القدس على موهبة تمييز الأرواح، وكيف يُطرَد ويُهزَم (فقرة 22). وقال أنطونيوس إن الشياطين قالت للرب يسوع نفسه الحقيقة: “إنك أنت هو ابن الله” (لوقا 4 : 41)، أما الرب يسوع “فهو أغلق أفواهها وأعاقها عن الكلام حتى لا تزرع الشر مع الحق” (فقرة 26). ويقول أنطونيوس إنه عندما جاء التجسد “بسكنى الرب بيننا، سقط العدو وضعفت شياطينه وأصبح عاجزاً عن تحقيق أي شيء”؛ لأن طغيان الشيطان هو أجوف، ولذلك يطلب أنطونيوس “احتقار الشياطين” (فقرة 28)؛ لأنه يستخدم الخيالات (فقرة 28)، لأن الشيطان ضعيف وغير قادر على أي شيء (فقرة 29).

أمَّا ما هو جديرٌ بالإعجاب في حياة القديس أنطونيوس أنه “ظهر مرةً شيطانٌ طويل القامة جداً بعظمة وتجرَّأ على القول: أنا هو قوة الله. أنا هو العناية الإلهية، ماذا تريد أن أعطيك؟ أما أنا فذكرت اسم المسيح محاولاً لطمه ..” (فقرة 40) (أنطونيوس الكبير منشورات النور سنة 1995).

ولذلك، أرجو تغيير هذه الفقرة إلى:

– يا برج عالي وحصين

– يا مثال المجاهدين

– ومقاوم الشياطين

لأنه لا تواضُع أمام العدو، وإلا فإننا بذلك ننكر قوة الرب الذي هزم الشيطان في البرية وفي خدمته، ولو كان الرب يسوع قد تواضع أمام الشيطان لجاز لنا نحن أن نتواضع.

إن إصلاح خطأٍ ما، مهما كان، هو طريق كل مسيحي.

وكل عام وأنتم بخير بمناسبة عيد نياحة أب جميع الرهبان، أبونا القديس أنطونيوس الكبير.

د. جورج حبيب بباوي

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مواضيع ذات صلة