يوم ذبيحة المخلص

عندما أشرق شمسُ البِرِّ يسوعُ

لم يعرف نهارُه مغيباً

قبل خلق الزمان كان ذبيحاً،

رغم أنه لم يكن قبل خلق الزمان خطيةٌ

ولكن ما كان قبل الزمان، استُعلِن في التدبير

سُفِكَ دمُ الوحيد على صليبِ العطاء؛

فأظهر المحبةَ الخفية لبني البشر

***

اليومُ يومُ ذبيحةِ المخلص

يومُ عطاءِ شمسُ البر الذي لا يتوقف

قُدَّاسُنا بدأ قبل خلق العالم؛

كان العطاءُ معدَّاً لمن خُلِقَ من العدم

وعطاءُ الإرادة دائمٌ لا ينقطع

عطائُنا مقيَّدٌ بقيود الترابيين

بالزمان والمكان واللفظ والحدث

عطاءُ الأُلوهة الحُرُّ وفيرٌ،

فالأقنومُ لا يخضع للزمان

مكانُ العطاءِ، إذا جاز اللفظ،

هو الاتحاد الأقنومي

عطاءٌ ليس باللفظ، بل بعملٍ

سبقَ الخلقُ الفداءَ، ليؤسِّس العملَ الواحد

تمَّ قبل الزمانِ تجديدُ الخلقةِ

حسب الإرادة الأزلية، كانت جديدةً

حسب إرادتنا، أصابها القِدم

دخل إلينا الجديدُ باللحم والدم

لحمُنا ودمُنا الذي فَقَدَ الخلود

جدَّد الوحيدُ كياننا الميت

وضعَ فيه بذرةَ حياةٍ إلهيةٍ لا تموت

تنمو كما نمت حياتُه الإنسانية

من بيت لحمٍ، حتى الجلوسِ عن يمين العظمة

***

وُلِدَ من رَحِمِ البتولِ، فصار لنا فيه ميلاداً جديداً

ومُسِحَ بالروح القدس لكي نُمسح فيه

قَبِلَ الموتَ منا نحن المائتين، لينقل منه هو قيامة الحياة

أباد بموته الموتَ، فصار القبرُ بلا قوة

بدَّدَ الجحيمَ وأخرج الأسرى

ومزَّقَ كتاب صك خطايانا قبل نزوله الجحيم

فهو الحريةُ التي لا يقف أمامها عائقٌ

***

يسوعُ الحيُّ شمسُ البرِ أنارَ موتنا بالحياة

نورٌ لا يغيب،

لا ينتظر منا صلاةً أو لحناً،

فالصلاةُ لنا؛ لأنها قُربَى لنا

لكنها ليست نهرُ نعمة الحياة، ولا فيضه

***

اليومُ على مذبحك، على أرضنا، وفي وسطنا

تدعونا إلى الحياة وإلى القيامة

دعوةً جديدةً دائماً مثل النور الذي لا يغيب

طوبى لمن عَرِف سِرَّ محبته

صار في قُدِّاس يسوع

صار كنيسةً خاصةً، ومذبحاً يقدَّم له يسوعَ الذبيحةَ الأزلية

صورةً صغيرةً كنافذة تُطِلُ على الأزل

لا يمكن فصلها عن الصورة الأكبر

إن لم تكن أنت كنيسةً، فماذا تكون؟

إن لم تكن أنت ذبيحةَ المخلص، وكان المخلص وحده هو الذبيحة،

فهل حدث فعلاً اتحادُ محبةٍ، أم أنك في الفكر تَسبَح؟

لا تنكر الإنسانَ يسوعَ، ولحمه ودمه؛ لئلا تفقد محبته

ولا تنكر أُلوهيته حتى لا تبقى ميتاً

أُلوهية يسوع هي نهر الحياة

وإنسانية يسوع هي مياهُ هذا النهر

وهو هو أمس واليوم وإلى الأبد

د. جورج حبيب بباوي

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مواضيع ذات صلة