السر المجيد وطقوسنا

أما وقد عبرت من بوابة الثمانين، فقد أصبحت أري طقوس الكنيسة بمزيد من الشغف والاحترام. وكنت قد رأيت الكثير وسمعت الكثير من أبي الروحي القمص مينا المتوحد، وكنت أخدم في القداس الثاني مع القس شنودة الشرياني الذي توهم في إحدى المرات أن جوهرةً من الجسد سقطت منه أثناء مناولة أحدهم، وطلب مني أن أبحث عنها بشمعة، وعندما تبين الأمر للأب مينا المتوحد قال لي: “هما السيرافيم والشاروبيم واقفين هنا يتفرجوا؟ إذا سقطت جوهرة وأنت لم ترَها، فلأن القوات السماوية أخذتها”.
ولكني وبعد أن مرَّت سنوات، بدأت ألحظ سوءَ فهمٍ للسر، وكأن الرب يسوع أصبح بلا إرادة، أو أنه مجرد شيء بين أيدينا لا يملك حرية التصرف، وأننا يمكننا أن نبحث عن جواهر سقطت منا أثناء التناول أو بين الأسنان بعد التناول. نسينا أن للرب إرادته، وأنه لا يسقط على الأرض، وأنه لم يقل لغير الإنسان خذوا كلوا أو خذوا اشربوا. كان شيوخ الكنيسة يقولون لنا إن غسل أي شيء وقع عليه دم الرب، فهو غسلٌ للخمر وليس لدم الرب، لأن دم الرب يصبح خمرًا فقط إذا سقط على الأرض، أو تناوله شخصٌ غير مستحق.
بالطبع، سوف يجد الذين يظنون أن تحول الخبز والخمر هو تحول كيميائي أن ما كتبته عثرة، ولكن يجب أن يستقر في وعينا أن التحول السري لا ينزع من الرب إرادته ومسرته. وما أكثر الذين كانوا على مقربةٍ منه، كالجند الذين ضربوه وجلدوه ودقوا المسامير في جسده، ولم ينل أيٌّ من هؤلاء منحةً من الرب لأن الرب حرٌّ في عطاء حياته، أي جسده ودمه. وسقط دمٌ وماءٌ عندما طُعِنَ الرب في جنبه. وقدم الرب جسده ودمه لبطرس وهو يعلم أن بطرس سوف ينكره.
وللقديس يوحنا الدمشقي يعود الرأي بأن من يتناول دون إيمان ومحبة، يأخذ خبزًا وخمرًا فقط، وأن ما يتبقى بعد مناولة المؤمنين هو خبز وخمر فقط.
أما حفظ الأسرار لمناولة المرضى، فهو تصرف صحيح لأن الإيمان والمحبة معًا سوف يقدمان لهم جسد الرب ودمه.
الربُّ حرٌّ في تقديم ذاته لنا . وقبول السر يعني اتحاد إرادتنا مع إرادة الرب.
فإذا كانت الملعقة سوف تكون سببًا في المرض، فإن عدم استعمالها يعني أن إرادتنا ترى في الملعقة ما يوجب الحذر لأن الرب نفسه لم يستخدم الملعقة، ولم يؤسِّس السر بأدواتٍ معيَّنةٍ، وأن إرادتنا في عدم استعمال الملعقة هنا هي حرية الإيمان.
لقد عصر الحزن قلبي وأنا أُطالع خبر وفاة القمص أشعيا ميخائيل كاهن كنيسة الملاك ميخائيل بالظاهر متأثرًا بإصابته بالفيروس، أفلا يكفي من رحل من الآباء الكهنة حتى تكون لنا حرية الإيمان؟
الأنبياء فقط هم من يعرفون ما إذا كانت الملعقة تنقل العدوى، وكان آخر هؤلاء هو يوحنا الأسيوطي (394).
من يقدر أن يعبر عن إرادة الرب يسوع؟

السر المجيد وطقوسنا

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مواضيع ذات صلة