صلوات الشهداء قبل استشهادهم

القديس بوليكارب: (156م)

استشهد وعمره 86 عاماً. وصف استشهاده أحد المؤمنين في خطاب إلى كنيسة سميرنا (أزمير بتركيا). ويقول شاهد العيان:

“وربطوه في لوحٍ من الخشب دون أن يدقوا المسامير في يديه، بل ربطوا يديه خلف ظهره، ثم قادوه مثل كبش اختير للذبح، وعندما ساقوه للنار كان يصلي ويقول:

(أيها الرب الإله ضابط الكل، آب ربنا يسوع المسيح ابنك الحبيب الذي فيه عرفناك إله الملائكة والقوات، إله كل الخليقة، وإله كل الذين يعيشون في حضرتك، أي جنس الأبرار.


أباركك لأنك أردت أن أكون مستحقاً لهذا اليوم وهذه الساعة. وأن أكون مستحقاً أن أُحسَب في عداد شهدائك، وأن أشرب من ذات الكأس التي شرب منها مسيحك لكي أقوم حياً إلى الأبد بالنفس والجسد في عدم الفساد، أي روحك القدوس.

اسمح لي أن أدخل معهم في حضرتك اليوم، وأن أُحسَب كذبيحة مقبولة عندك؛ لأنك جعلت حياتي استعداداً لذلك. وأريتني سابقاً أن هذا سيحدث لي وها هو قد تم([2]) وأنت الإله الفادي الذي أباركه على كل بركاته، وأعطي لك المجد في رئيس الكهنة الأبدي السمائي يسوع المسيح ابنك الحبيب الذي هو معك ومع الروح القدس وفيه نقدم لك المجد الآب وفي كل الدهور الآتية آمين([3]))”.

كاريوس وبابيليوس وأجاثونيك([4])

كان كاريوس أسقفاً، وبابيليوس شماساً، أمَّا أجاثونيك فهي امرأة متزوجة. وقد أُحرِقَ الجميع بالنار في برجامون (تركيا). ويحدد العالم الألماني Altaner تاريخ استشهادهم خلال حكم ماركوس أوريليوس([5]) أي بين سنة 161 – 180. ويقول شاهد العيان:

“عندما رأى بابيليوس أكوتم الخشب المعدة للنار، رفع عينيه إلى السماء وقال: (يا رب يسوع أقبل روحي). وحالما دفعوه في النار مات على الفور.

أمَّا كاريوس فقد ربطوه في العامود وعندما أشعلوا النار وبدأت ألسنة النار تحرقه، صرخ بصوت عظيم وقال: (البركة لك يا رب يسوع المسيح ابن الله لأنك جعلتني مستحقاً أن أشترك في هذا المصير، رغم أنني خاطئ). وبعد ذلك أسلم الروح.

وعندما جاء دور أجاثونيك قالت: (يا رب، يا رب، يا رب أسرع إلى معونتي لأنني ألتجئ إليك كحصن).

لوسيان ومرقيان([6])

كلاهما قتلا بالسيف في نيقوميديا في اضطهاد ديسيوس سنة 250 وقبل قتلهما صليا معاً:

“نقدم لك تبيحنا الفقير الذي لا يليق بك يا رب يسوع لأنك دافعت عنا. أغفر لنا نحن المخلوقين غير المستحقين. أنت أتيت بنا من ظلام الوثنية وبرحمتك أتيت بنا إلى هذه الآلام المجيدة، وهي شرف نناله لأجل كرامة اسمك. الشكر لك لأنك أعطيتنا نصيباً في مجد قديسيك. السبح لك. المجد لك. في يديك نستودع نفسينا وروحينا”.

بيونيوس ومثرودوروس([7])

كلاهما أحرقا بالنار أحياء. كان بيونيوس قساً، وكان مثرودوروس شخصاً غنياً من التجار. أحرقا في سميرنا في 25 يناير سنة 250. يقول شاهد العيان:

“وعندما جاء بيونيوس ومثرودوروس إلى المكان تحولا إلى الشرق([8]) بيونيوس أغلق عينيه وصلي في صمت، وعندما نظر إلى النار أشرق وجهه بفرحٍ وقال: “آمين“، ثم قال: “يا رب اقبل نفسي“. أمَّا مثرودوروس فقد قال: “آمين“”.

تعد هذه النصوص من أقدم الصلوات  التي وصلتنا وقد نطق بها أُناس كانوا قريبين من النار والسيف، ولكنهم أسلموا أرواحهم ليسوع المسيح ابن الله ولله الآب … ويمكننا أن نلاحظ بكل وضوح أن الصلوات ليس فيها طابع الانتقام أو التذمر، بل الشكر والرضى.

+++

بركة الشهداء الأطهار فلتكن معنا.

آمين

+

مقال نُشِر بمجلة مرقس عدد سبتمبر 1975


([2]) الإشارة هنا إلى رؤيا سبقت استشهاده.

([3]) مجموعة الآباء اليونانيين 5: 1040 ونشر النص مع تنقيحات أساسية العالم الألماني Knopf – Krüger في مجلده المعروف بأعمال الشهداء وسيرهم – جامعة توبنجن سنة 1929، نص 5.

([4]) نفس المرجع السابق نص 10 – 13.

([5]) علم الآباء، 1958 ص 195.

([6]) نشر النص Ruinars في كتابه المشهور Acta Primorum Martyrum Sincera والذي طُبِع في باريس 1829.

([7]) Knopf – Krüger نص 56.

([8]) الاتجاه للصلاة حسب طقس الكنيسة.

تنزيل الملف

Prayers_of_the_Martyrs.pdf

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مواضيع ذات صلة