الشخص والشيء والفكرة، وسر الإفخارستيا

لا شك أن بوادر النهضة التي قادها حبيب جرجس قد طرحت الكثير من الثمار، ولكنها أنجبت أيضًا عدة إشكاليات لا بُد من حلها.
الإشكالية الأولى، هي أننا عندما نرى ونأكل الخبز السمائي، يتحول الرب –عند البعض- إلى شيء نمسك به ونأكله، لا سيما وإن كانت الجوهرة صغيرة. وهنا يكون تحول الإدراك والوعي مطلوب بشدة، لأن “الجوهرة”، ولا أقول ولا أكتب (الجزء) من جسد الرب على المذبح هو “جزءٌ” لا يمكن فصله. وما وضع الإسباديقون في الكأس سوى انتقال الوعي من “الجزء إلى الكل”. الجزء خاصٌّ بالتقسيم، والكل خاصٌّ بالوحدانية. الكلُ معًا واحدٌ، صورة أو أيقونة الثالوث التي نتعلمها من السر المجيد، والكلمات للرسول بولس: “الخبز الذي نكسره أليس هو شركة جسد المسيح” (1 كور 10: 15). وكسر القربانة وتوزيعها يجعلنا كما يقول الرسول بولس: “فإننا نحن الكثيرين خبزٌ واحد لأننا جميعًا نشترك في الخبز الواحد” (1كور 10: 17).
وهنا يجب أن ننتبه إلى الكلمات الآتية:
– نحن الكثيرين
– خبزٌ واحد
– لأننا جمعنا
– نشترك في الخبز الواحد.
كان من الضروري لبعث الوعي أن أفصل الكلمات، فقد سبق هذه الكلمات، بل وتلاها أيضًا “أننا جسد المسيح الواحد”، وأن توزيع مواهب الروح القدس هي تنوع المواهب وعملها الواحد في الجسد الواحد (1كو ص 15 كله).
إذن، فالاختبار المسيحي الحقيقي هو وحدانية الجسد وتنوع الأعضاء وتنوع المواهب التي يعطيها الروح القدس.
من ذلك ندرك أن كل جوهرة هي ميراث كل من يشترك في الخبز الواحد، وأننا نحن كما قال الرسول: “خبزٌ واحد”، أي قربانٌ واحد.
ونحن نقدم ذواتنا لله الآب في ابنه يسوع المسيح، وهو ما تؤكده الليتورجيا، يجب ألا يغيب من الوعي تقديم أنفسنا قربانًا، ولذلك فإن رؤية الخبز خبزًا عند لوثر وعند غير المستنيرين بالروح القدس، تجعل من الجوهرةِ جزءً وليست عطاءً وهبةً، لأن العطاء، لا سيما في دعوة الرب: “خذوا كلوا …” هو دعوة للجماعة. وفي العطاء، حتى على المستوى الاجتماعي، القيمة ليست في العدد.
يتبع
دكتور
جورج حبيب بباوي

Eucharist

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مواضيع ذات صلة